للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تشتغل بهم ولا تدعهم فإنهم لا يؤمنون ولكن ادع قومًا آخرين واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥)

قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ): الكفرة جميعًا؛ فمنعناهم عن أن يصلوا إليك؛ على ما قصدوا إليك من إهلاكك، وغيره؛ كقوله: " نصرت بالرعب مسيرة شهرين ".

وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) والذين كانوا على الطرق والمراصد؛ ليصدوا الناس عن سبيل اللَّه؛ على ما ذكر في القصة؛ العدد الذي ذكر سبعة أو خمسة؛ كفاه اللَّه بأن أهلكهم بما ذكر أهل التأويل: أن الذين استهزءوا به هلكوا جميعًا بعقوبات مختلفة.

وقوله تعالى: (الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٩٦)

قوله: (يَجْعَلُونَ) وليس على الجعل؛ لأنهم لو جعلوا لكان؛ لأن كل مجعول كائن موجود؛ ولكن قوله: (يَجْعَلُونَ): أي: يزعمون أن مع اللَّه إلهًا آخر؛ إما في التسمية أو في العبادة، وكذلك قوله: (جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) هم لا يقدرون على أن يجعلوه عضين، ولكن زعموا أنه كذا؛ لأن اللَّه وكل حفظه إلى نفسه؛ بقوله: (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) وقال: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ)، أخبر أنه يحفظه حتى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ فلو قدروا على جعله عضين - لكان قد أتى الباطل من بين يديه، دل أنه على القول الذي قالوا؛ وهو على المجاز كقوله: (فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ)، وقوله: (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا)، فهو على المجاز، على ما عندهم، إما بحق التسمية لها أنها آلهة، وإما بصرف العبادة إليها، ظاهر هذا أن المستهزئين الذين ذكرهم أنه كفاه عنهم هم الكفرة جميعًا؛ لكن يحتمل في الذين ذكرهم أهل التأويل كانوا على مراصد مكة، أضاف ذلك إليهم ونسب؛ لأنهم هم الذين أمروا غيرهم أن يجعلوا دونه إلهًا؛ فكأنهم فعلوا ذلك، وهم قالوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>