ورأوه معه عرفوا أنه يوسف؛ لذلك قالوا. واللَّه أعلم.
(قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ).
يحتمل: من يتق معاصيه، ويصبر على بلاياه. أو اتقى مناهيه؛ وصبر على أداء ما أمر به. أو من اتقى وصبر؛ فقد أحسن. أو يقول: إنه من يتق الجَفاء؛ ويصبر على البلاء؛ فقد أحسن.
(فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
ويشبه أن يكون قوله: (وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا).
أي رُدَّ أخانا علينا، وهو ما ذكرنا. واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (٩١)
(تَاللَّهِ) وقسم قد اعتادوه في فحوى كلامهم؛ على غير إرادة يمين بذلك؛ هكذا عادة العرب؛ وإلا كان يعلم يوسف أن اللَّه قد آثره عليهم.
ويشبه أن يكون يخرج القسم هاهنا على تأكيد معرفتهم فضله ومنزلته؛ أي: لم تزل كنت مُؤْثَرًا مفضّلا علينا.
(وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ).
أي: وقد كنا خاطئين؛ فيما كان منا إليك من الصنيع.
أو أن يكون قوله: (لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا)؛ فيما قالوا: (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا) أي لما كان يؤثرهما عليهم؛ فقالوا: كنت مؤثَرًا على ما كان أبونا يؤثرك علينا وقد كنا (لَخَاطِئِينَ)؛ فقال يوسف.
(لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٩٢)
قَالَ الْقُتَبِيُّ: قوله: (لَا تَثْرِيبَ): أي لا تعيير عليكم بعد هذا اليوم؛ بما صنعتم. وقَالَ بَعْضُهُمْ " (لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ) أي: [لا تعنيف عليكم] (١). وقيل: أصل التثريب: الإفساد؛ يقال: ثرب علينا الأمر: أي أفسده.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: التثريب: الملامة " يقول: لا لوم عليكم في صنيعكم.
وقال ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا تثريب عليكم: أي لا أعيركم بعد هذا اليوم أبدًا؛ ولا أعيره عليكم.
(١) في المطبوع هكذا [لا تنغيث عليكم] والتصويب من (التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي الكلبي. ١/ ٣٩٥). اهـ (مصحح النسخة الإلكترونية).