الشكر؛ لما أنعم على أُولَئِكَ، وتحذيرًا لهم عن مثل صنيعهم، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (٧)
لا لله؛ إذ إليكم يرجع منفعة ذلك، وأنتم تجزون على ذلك:
(وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا).
أي: فعليها؛ كقوله: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ. . .) الآية، أي: عليها ضرر ذلك، وعلى ذلك جميع ما أمر اللَّه عباده من الأعمال أو نهاهم عنها إنما أمر ونهى؛ لمنفعة أنفسهم ولحاجتهم؛ لا لمنفعة له أو لحاجة له.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا)، أي: إليها، أي: إلى أنفسكم تسيئون.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ).
أي: إذا جاء وعد موعود الآخرة، وهو العقوبة بعصيانهم وتكذيبهم رسل اللَّه، وقوله: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ)؛ بالتغيير وتبديل الدِّين.
(لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ).
بواوين: على الجماعة، وبواو واحدة: على الواحد: (لنسوء وجوهكم)، ولم يبين من يسوء وجوههم؛ فيشبه أن يكون يبعث قومًا يسوءون وجوههم، كما ذكر في الوعد الأول: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ)؛ فهم يسوءون وجوهكم.
ومن قرأ بالنون: (لنسوء وجوهكم): أضاف إلى نفسه؛ لما بأمره ما كان يفعل وبتسليطه إياهم عليهم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: ذكر الوجه - هاهنا - كناية عن الحزن والهم والإهانة لهم؛ كما يقال في السرور: أكرم وجهه، أي: أدخل فيه سرورًا، أو ذكر الوجه؛ لما بالوجه يظهر ذلك التغير والقبح، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّّ -: (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّ).
في ظاهر الآية أن يدخل الأولون المسجد في المرة الثانية كما دخلوا في المرة الأولى؛ لأنه قال: (كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّ)، لكن يحتمل ليدخل عباد آخرون المسجد في المرة الثانية كما دخل الأولون في المرة الأولى.