للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٢١٠)

(يل فيه بوجوه:

قيل: (أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ) بأمره. وهو قول الحسن.

وقيل: (يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ)، أي أمر اللَّه؛ وهو كقوله: (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) وكقوله: (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ)، على إضمار الأمر فيه.

وقيل: قوله: (فِي ظُلَلٍ)، في بمعنى (الباء)، وكأنه قال: يأتيهم اللَّه بظلل من الغمام، وذلك جائز - استعمال (في) مكان (الباء)؛ لأنهما جميعًا من حروف الخفض، والعرب تفعل ذلك ولا تأبى.

والأصل في هذا ونحوه: أن إضافة هذه الأشياء إلى اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - لا توجب حقيقة وجود تلك الأشياء منه على ما يوجد من الأجسام، لما يجوز إضافته إلى ما لا يوجد منه تحقحق ذلك، نحو ما يقال: جاءني أمر فظيع، و (جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ)، وجاء فلان بأمر كذا، وجاءكم رسول. فذكر المجيء والإتيان لا على تحقيق وجود ذلك منه، فعلى ذلك يخرج ما أضاف اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - إلى نفسه من المجيء والإتيان والاستواء، أليس على تحقيق المجيء والإتيان والاستواء، منه على ما يكون من الأجسام.

وفي الشاهد أن ملوك الأرض يضيفون إلى أنفسهم ما عمل بأمرهم من غير أن يتولوها بأنفسهم. وكذلك أضاف جل ذكره أمر القيامة إلى نفسه لفضل ذلك الأمر.

ثم الأصل: أن الإتيان والانتقال والزوال في الشاهد إنما يكون لخلتين: إما لحاجة بدت، فيحتاج إلى الانتمّال من حال إلى حال، والزوال من مكان إلى مكان ليقضيها. أو لسآمة ووحشة تأخذه، فينتقل من مكان إلى مكان لينفي عن نفسه ذلك. وهذان الوجهان في ذي المكان، واللَّه - تعالى - يتعالى عن المكان، كان ولا مكان فهو على ما كان.

فاللَّه - تعالى - يتعالى عن أن تمسه حاجة أو تأخذه سآمة. فبطل الوصف بالإتيان والمجيء والانتقال من حال إلى حال أو من مكان إلى مكان. وباللَّه التوفيق.

وقيل: إن النص قد ورد بالاستواء والمجيء، وأورد، الخبر بالنزول، والرؤية. ثم قد ورد السمع بأن (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)، لزم نفي التشبيه فيما ورد عن ذاته، ولزم الإقرار بما جاء من عنده من غير طلب الكيفية له والتفسير. فالسبيل فيه الإيمان

<<  <  ج: ص:  >  >>