للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كقوله: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩)، ووصف وجوه أهل الجنة بالضحك، وليس على حقيقة الضحك؛ ولكن وصف بغاية السرور والفرح؛ وكذلك وجوه أهل النار وصفها بالغبر والقتر؛ وهو وصف بشدة الحزن، واللَّه أعلم.

وقوله: (أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ):

يحتمل وجوهًا:

يحتمل: أكفرتم بألسنتكم بعدما شهدت خلقتكم بوحدانية اللَّه تعالى؛ لأن خلقة كل أحد تشهد على وحدانيته.

ويحتمل: أي: كفرتم بعدما آمنتم بمُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قبل أن يبعث بوجودكم، نعته وصفته في كتابكم وعلى هذا قال بعض أهل التأويل: (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ): أي: على استجابة كثير منهم من الأجلّة والكبراء، الذين لا يعرفون بالتعنت في الدِّين ولا بالتقليد، واللَّه أعلم.

ويحتمل قوله: أكفرتم أنتم بعد أن آمن منكم فرق؟!؛ لأن منهم من قد آمن، ومنهم من كفر، فقال لمن كفر: أكفرتم أنتم وقد آمن منكم نفر؟! ألا ترى أنه قال: (وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ)، واللَّه أعلم؛ وكقوله: (فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ).

وقيل: أراد بالإيمان - الذي قالوا حين أخرجوا من ظهر آدم.

وفي الآية ردّ قول المعتزلة بتخليد أهل الكبائر في النار، وإخراجهم إياهم من الإيمان من غير أن أدخلوهم في الكفر؛ لأنه - عَزَّ وَجَلَّ - لم يجعل إلا فريقين: بياض

<<  <  ج: ص:  >  >>