للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عيرنا بما نزل فيكم فحتى متى؟! فكانوا يحلفون للأنصار: واللَّه ما كان شيء من ذلك، فاكذبهم اللَّه فقال: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ): ما كان الذي بلغكم، (لِيُرْضُوكُمْ): بما حلفوا، (وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ): منكم يا معشر الأنصار، (أَن يُرْضُوُه): حيث اطلع على ما حلفوا وهم كذبة، (إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ) يقول: ولكن ليسوا بمصدقين.

والأشبه أن تكون الآية نزلت في معاتبة جرت بين المؤمنين والمنافقين باستهزاء كان منهم برسول اللَّه، أو طعن فيه، أو استهزاء بدين اللَّه، فاعتذروا إليهم وحلفوا على ذلك ليرضوهم، فقال اللَّه: (وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ) حقيقة ولكن ليسوا بمؤمنين.

وأما ما قاله بعض أهل التأويل أن رجلًا من المنافقين قال: واللَّه، لئن كان مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقًّا لَنَحْنُ شَرٌّ مِنَ [الْحَمِيرِ]، فسمعها رجل من المسلمين، فأخبر بذلك رسول اللَّه، فدعاه، فقال: " ما حملك على الذي قلت " فحلف والتعن ما قاله، فنزل قوله: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ)، هذا لو كان ما ذكر، لكانوا يحلفون لرسول اللَّه، لا يحلفون لهم؛ دل أن الآية في غير ما ذكر.

ويذكر عن ابن عَبَّاسٍ أن الآية نزلت في ناس من المنافقين تخلفوا عن رسول اللَّه في غزوة تبوك، فجعلوا يحلفون لرسول اللَّه حين رجع أنهم لا يتخلفون عنه أبدًا وكذلك قال غيره من أهل التأويل، ولكن لو كان ما قالوا لكانوا يحلفون لرسول اللَّه ويرضونه، لا للمؤمنين؛ دل أن الأشبه ما ذكرنا، وفيه وجوه:

أحدها: أن فيه دلالة تحقيق رسالته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ليعلموا أنه حق؛ حيث اطلع على ما أسروا في أنفسهم وكتموا من المكر به وأنواع السفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>