للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عشر سهمًا، وكان الجيش ألفًا وخمسمائة.

وفي بعض الأخبار؛ أنه الصلح الذي كان بين رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وبين المشركين، ولم نر قتالا، ولو نرى لقاتلنا، قال: فنزلت سورة الفتح، فأرسل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -إلى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فأقرأها إياه، فقال: يا رسول اللَّه، فتح هو؟ قال: " نعم ".

وعن عامر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كان بالحديبية، فأنزل اللَّه - تعالى -: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) فقال رجل: إنه فتح هو؟ قال: " نعم ".

وعن جابر أنه قال: ما كنا نعد الفتح إلا يوم الحديبية.

وكذلك روي عن عبد اللَّه بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: نزلت هذه الآية: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) بالحديبية.

وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: لم يكن في الإسلام فتح أعظم من صلح الحديبية، وضعت الحرب أوزارها، وأمن الناس كلهم، ودخل في الإسلام في السنتين أكثر مما كان دخل قبيل ذلك، فلما رجع رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة من الحديبية. . . وفي الحديث طول تركنا ذكره، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) يخرج على وجوه ثلاثة:

أحدها: أي: إنا قضينا ذلك قضاء بينًا بالحجج والبراهين على رسالتك ونبوتك؛ ليعلم أنك محق على ما تدعي، صادق في قولك؛ (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ) بما أكرمك، وعظم أمرك بالرسالة والنبوة؛ أي: أعطاك ذلك وأكرمك به؛ ليغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر.

والثاني: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) ما لم يطمع أحد من الخلائق أنه يفتح عليك أمثال ذلك الفتح (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ).

والثالث: إنا فتحنا لك جميع أبواب الحكمة والعلوم وجميع أبواب الخيرات والحسنات (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ) بما أكرمك من أبواب الحكمة والخيرات.

يخرج على هذه الوجوه الثلاثة، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>