يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ)، والريح إذا عملت على الأبدان؛ فهي على البنيان أكثر، لكن اللَّه تعالى لم يأمرها بذلك، واللَّه أعلم.
ثم قوله:(سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا) فيه تبيين أن الأيام لم تكن على عدد الليالي، ولو كانا على عدد واحد، لكان في ذكر أحد العددين ذكر العدد الآخر؛ لأن تسمية الليالي تسمية للأيام، وتسمية الأيام تسمية الليالي؛ ألا ترى إلى قوله في قصة زكريا:(آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا)، وقال في موضع آخر:(ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا)، واللَّه أعلم.
وقيل: قطعًا، قطعًا من الحسم، يقال: حسمت الريح كل شيء مرت به حسمًا، أي: قطعته.
وقيل: مشئومات حيث انقطعت بركتها عنهم.
وقوله تعالى:(فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى).
أي: أنك لو أدركتهم وشهدتهم وعاينتهم، لرأيتهم صرعى.
(كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ).
وقَالَ بَعْضُهُمْ: أي: ترى الأعضاء المتفرقة، كل قطعة منها كأنها عجز نخلة؛ إذ كانوا هم أعظم في أنفسهم من أعجاز النخل، فيصرف تأويله إلى الأعضاء المتباينة.
ثم ذكر النخل هاهنا بالتأنيث، فقال:(أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ)، ووصف في سورة (اقتربت) بصفة التذكير فقال: (كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ)؛ لأن النخل يذكر ويؤنث؛ كذا قاله الزجاج.
وقيل: النخل يذكر على كل حال، لكن قوله:(خَاوِيَةٍ) صفة الأعجاز لا صفة النخل، والأعجاز جماعة، والجماعة مؤنثة، والنخل واحد فيذكر، وليس كذلك؛ لأن الخاوية صفة النخل، ألا ترى عند الوصل يذكر بالخفض لا بالرفع.
ولأن النخل اسم جمع، يقال: نخلة ونخل؛ كما يقال: شجرة وشجر، وثمرة وثمر، ونحو ذلك.