أحدها: أن اذكر نبأ داود، ونبأ من ذكر في هذه السورة من قوله:(وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ)(وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ)، ومن ذكرهم - عليهم السلام - وعلى مُحَمَّد في هذه السورة، أي: اذكر نبأهم الذي لم يكن لتعرفه أنت ولا قومك من قبل هذا، لعلهم يصدقونك ويؤمنون بك؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ).
والثالث: اذكر داود ومن ذكر من الأنبياء، أي: اذكر لهم المصدقين وما يكون لهم من الكرامات والثواب، كما ذكرت لهم المكذبين وما نزل بهم من العذاب، لعلهم يرجعون ويصدقونك؛ ليعلموا من هلك منهم بم هلك؟ أو ليعلموا أن في أوائلهم المصدقين له والمؤمنين، فكيف اتبعتم المكذبين منهم دون المصدقين؟! واللَّه أعلم.
ويحتمل قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا)، أي: اذكر جهد داود وجهد من ذكر من هَؤُلَاءِ في العبادة والدِّين وأمثال ذلك يحتمل، واللَّه أعلم.
قال عامة أهل التأويل:(ذَا الْأَيْدِ)، أي: القوة على العبادة.
وجائز أن يكون قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَا الْأَيْدِ) في أمر اللَّه، أو في أمر الدِّين؛ لأنه ألين له الحديد حتى كان يتخذ منه الدروع وغيرها من الأسلحة، وسخر له الطير والجبال حتى كان يسبح معهم بالعشي والإشراق، وحتى كان يستعمل ما اتخذ الحديد فيمن شاء من أمر الدِّين من المحاربة مع الأعداء والدرء عن أهل الإسلام والدفع عنهم، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّهُ أَوَّابٌ).
قَالَ بَعْضُهُمْ:(أَوَّابٌ) مطيع لله، مقبل على طاعته.
وقَالَ بَعْضُهُمْ:(أَوَّابٌ)، أي: مسبح لله، ذكر أنه كان كثير التسبيح؛ وكذلك قال - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ)، أي: سبحي معه، هذا محتمل.
وجائز أن يكون قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَوَّابٌ)، أي: رَجَّاع إلى اللَّه، يرجع إليه في كل