شيخ فأدركته فريضة الحج، وهو لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة؛ أفيجزئ أن أحج عنه؟ فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَرَأيتَ لَوْ كَانَ عَلَى أبِيكَ دَيْن فَقَضَيتَهُ عَنْهُ، أكان يُقْبَلُ مِنْكَ "؟ قال: نعم؛ قال:" فاللهُ أَوْلَى بِحَج أَبِيكَ " أو كلام نحوه، ولكن ليس في الخبر أن فريضة الحج إنما أدركته في الحال التي لا يستمسك على الراحلة، فيجوز أن أدركته فريضة الحج قبل ذلك؛ فكذلك يقول علماؤنا: إن الحج إذا وجب فأخر أداءه حتى أعْسَرَ - لم يسقط عنه الحج، وكذلك إن وجب عليه الحج فلم يحج حتى كبر، فصار لا يستمسك على الراحلة، عليه أن يوصي ليُحَجَّ عنه.
ويحتمل -أيضًا- أنه رغبه رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في الحج عنه تبرعًا، لا أنه ألزمه الحج في ذلك الوقت الذي لا يثبت على الراحلة - وعندنا أنه لا يلزمه؛ لأنه إذا لم يستمسك على الراحلة فلا راحلة له، ثم من قول هذا القائل: إن من لزمه فرض الحج، فله التأخير، وفي التأخير فَوْتٌ أو إدراك المنيّة، ومِنْ قوله: إنه لو أخر حتى مات يصير فاسقا؛ فإذا مات مات فاسقا، يجعل له رخصة التأخير، ثم يفسقه؛ فكأنه يجعل له الرخصة في الفسق، فذلك قبيح وخش من القول سمج.
وأما عندنا: فإنه لا يسع له التأخير في أوّل أحوال الإمكان على تمام شرط الاختيار؛