ويحتمل: أو ادفعوا العدو عن أنفسكم؛ لما لعلهم يقصدون أنفس المؤمنين المقاتلين، أو ادفعوا عن أموالكم وذراريكم ويقصدون ذلك، أو ادفعوا عن دينكم إذا قصدوا دينكم، وقد يقصدون ذلك، أو أن يكون قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا) - واحدًا، أي: قاتلوا في سبيل اللَّه وادفعوا، واللَّه أعلم.
يعني: المنافقين، أخبر أنهم إلى الكفر أقرب من الإيمان للكفر وإلى الكفر من الكفر، كل ذلك لغة، وفي حرف حفصة: هم " إلى الكفر أقرب "، وتأويله - واللَّه أعلم -: أن المنافقين كانوا لا يعرفون اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - ولا كانوا يعبدونه؛ فإنما هم عباد النعمة، يميلون إلى حيث مالت النعمة: إن كانت مع المؤمنين؛ فيظهرون من أنفسهم الوفاق لهم، وإن كانت مع المشركين فمعهم؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ. . .) الآية، وكقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ. . .) الآية، وأما الكفار: فإنهم كانوا يعرفون اللَّه، لكنهم كانوا يعبدون الأصنام والأوثان لوجهين:
أحدهما: لما اتخذوها أربابًا.
والثاني: يطلبون بذلك تقربهم إلى اللَّه زلفى؛ كقولهم:(مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، لكنهم إذا أصابتهم الشدة، ولم يروا فيما عبدوا الفرج عن ذلك - فزعوا إلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، كقوله - تعالى -: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ