للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طلقها، وقد كان تبناه، فعابه المنافقون على ذلك، وقالوا: تزوج رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - امرأة ابنه، فأنزل اللَّه - تعالى -: (وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ)

يحتمل قوله - سبحانه وتعالى -: (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) وجوهًا:

يحتمل الجمع بينهما في العقد، وقد أجمعوا: أنه إذا لم يجمع بينهما بالعقد ولكنه تزوج إحداهما، ثم تزوج أخرى، لم يحل له نكاح الأخرى؛ دل أنه لم يرد به الجمع في العقد.

أو يحتمل الجمع في الملك، وقد أجمعوا -أيضًا-: أن له الجمع بينهما في ملك اليمين؛ فدل أنه إنما أراد الجمع بينهما في الاستمتاع، وإذا استمتع بإحداهما بنكاح، ثم فارقها، لم يحل له أن يتزوج أختها، والأولى في عدة منه من طلاق بائن؛ لأن الاستمتاع هو الذي حبسها عن الأزواج؛ فكان كالجمع بينهما في الاستمتاع، ولأن المعنى الذي به حرم الجمع في ملك النكاح، ذلك إذا كانت في عدة منه موجود، وهو خوف القطيعة فيما بينهما، واللَّه أعلم.

ولأن أكثر أحكام الزوجات قائم فيما بينهما: نحو الإسكان، والإنفاق عليها، وإلحاق الولد، وغير ذلك من الحقوق.

وعن عليٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه سئل عن رجل طلق امرأته، فلم تنقض عدتها حتى تزوج أختها، ففرق عليٌّ بينهما، وجعل لها الصداق بما استحل من فرجها، وقال: تكمل الأخرى عدتها، وهو خاطب.

وعن زيد بن ثابت أنه سئل عن رجل تحته أربع نسوة، فطلق إحداهن ثلاثًا، أيتزوج رابعة؟ فقال: لا، حتى تنقضي عدة التي طلق.

وعن عائشة - رضي اللَّه عنها - مثله.

واختلف في الجمع بين الأختين من ملك اليمين: عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه سئل

<<  <  ج: ص:  >  >>