للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النكاح، وذكر الأجر بعد الاستمتاع، والمهر إنما يجب في النكاح بالعقد: يؤخذ الزوج أولا بالمهر ثم يستمتع بها؛ فهو بالمتعة والإجارة أشبه؛ كقوله - تعالى -: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)، أمر بإيتاء " الأجرة إذا أرضعن فعلى ذلك: لما ذكر الاستمتاع بهن، وأمر بإيتاء الأجر لا المهر؛ دل أنها نزلت في المتعة.

وأمّا عندنا: فإنها نزلت في النكاح؛ دليله ما تقدم من الذكر، وهو قوله: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) نكاحًا، وقوله: (مُحْصِنِينَ) هو: متناكحين، (غَيْرَ مُسَافِحِينَ) هو غير زانين.

وقوله - تعالى -: (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ) كل ذلك يدل أنه في النكاح، فكذلك قوله: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ) في النكاح (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) وقد سمى اللَّه المهر أجرًا؛ كقوله: (إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ)، وقال: (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ).

وأما قولهم: ذكر إيتاء الأجر بعد الاستمتاع والمهر يجب بالنكاح - فهو على التقديم والتأخير؛ كأنه قال: فآتوهن أجورهن إذا استمتعتم بهن؛ كقوله - تعالى -: (إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ)، أي: طلقوهن، -إذا طلقتم- لعدتهن، ونحو ذلك كثير.

وقال أبو بكر الأصم: دل قوله: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ) فآتوهن مهورهن كملا، وإذا لم يدخلوا بهن فالنصف بالآية الأخرى؛ فهذا فائدة ذكر الأجور والاستمتاع، وهو بالنكاح أشبه وأولى من المتعة؛ لما ذكرنا من تحريم الأجناس من المحرمات في أولها وإباحتها

<<  <  ج: ص:  >  >>