للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو أن يقال: إنه أراد بالنكاح الوطء، لا العقد والتزويج على ما قال علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

والنكاح اسم للوطء والتزويج جميعًا، قال اللَّه - تعالى -: (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً)، وتأويله الوطء، فكذلك الأول، ومعنى قول علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حيث حمل الآية على الوطء؛ لأنه قال لا يتزوج الأمة على الحرة. كأنه منعه من ذلك؛ لأنه قادر على وطء الحرة، ويتزوج الحرة على الأمة. يقول: يتزوج الأمة ولم يكن قادرًا على وطء الحرة؛ فجاز نكاحه.

أو إن كانت الآية في ابتداء النكاح والتزويج؛ على ما قالوا، فليس فيها حظر نكاح الإماء وبطلانه في حال الطول والقدرة؛ لأنه أباح نكاحهن في حال عدم الطول والقدرة، ومن أصلنا: أن ليس في إباحة الشيء وحله في حال - دلالة حظره ومنعه في حال أخرى؛ دليله: قوله: (أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ)، ليس فيه أنه لا يحل له إذا لم يؤت أجورهن، وقوله - تعالى -: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) ليس فيه حظر الأربع وإن خاف ألا يعدل؛ فهذا يدل على أن حظر الشيء ومنعه في حال، لا يوجب الحظر في حال أخرى، وإباحة الشيء في حال وحله لا يوجب منعه وحرمته في حال أخرى، على أن المخالف لما لم يجعل الإيمان المذكور في الآية شرطًا لقوله - تعالى -: (أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ) فإذا لم يصر الإيمان شرطًا في حال نكاح الإماء، كيف صار الطول والقدرة شرطًا فيه؟! إذ من قوله أن ليس له أن ينكح الأمة إذا كان له طول نكاح المحصنة الكتابية، فلما لم يصر هذا شرطا في ذلك كيف صار الطول والعنت شرطا؟! وهذا يبطل قوله: أن ليس له أن ينكح أمة كتابية؛ لأنه يقول: لأن اللَّه - تعالى - شرط فيهن الإيمان بقوله: (مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) فإذا لم يصر الإيمان شرطًا في المحصنات كيف صار شرطًا في الإماء، وذلك كله عندنا ليس بشرط.

فإن قال قائل: إن قول اللَّه - تعالى -: (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ. . .) كذا، ليس ذلك شرطا حتى لا يجوز غيره إذا كان له طول العتاق وقدرة الصوم ما ينكر أن يكون الأول بمثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>