وقوله:(وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا)، أنهن إذا تركن للتعفف، ولم يكرههن على البغي - فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب؛ فهن الحرائر؛ لأن عذاب المتزوجة إذا دخل بها زوجها - الرجمُ، ولا نصف للرجم، وإنما حد الأمة الجلد؛ فلا يجوز أن يكون المحصنات في هذا الموضع ذات الأزواج؛ لأن عذاب ذات الأزواج الرجم، ولا نصف له؛ دل أنه أراد بالإحصان: الإسلام.
ورُويَ عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وسعيد بن جبير، وجماعة من أهل العلم: أن لا حد على الأمة حتى تتزوج.
وأما عندنا: فإن عليها الحد؛ لما رُويَ عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه أمر بجلد الأمة إذا زنت وإن لم تنزوج؛ فذلك حجة لقول من قال: إحصانها إسلامها، وهو ما رُويَ عن أبي هريرة، وزيد بن خالد، وشبل - رضوان اللَّه عليهم - قالوا: كنا عند رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، فسأله رجل عن الأمة تزني قبل أن تحصن؟ قال:" اجْلِدْهَا؛ فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدْهَا. . . " ثم قال في الثالثة أو الرابعة: " فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ ".
هذ الخبر يدل على أن الأمة إذا زنت تجلد وإن لم تتزوج.
أي: وإن تصبروا ولا تتزوجوا الإماء فهو خير لكم؛ لأن أولادكم يصيرون عبيذا؛ فهذا يدل اعى أن قوله:(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) - كله على الاختيار، ليس على الحكم ألا يختار، ولا على أنه إذا فعل لا يجوز.