يحتمل أن تكون الآية تفسيرًا لما تقدم من قوله:(إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) ووصف لهم؛ إذ لا يتكلم بمثله إلا عن تَقَدُّمِهِ.
يحتمل قوله: يبخلون بما عندهم من الأموال، ويأمرون الناس به، وهكذا دأب كل بخيل أنه يبخل ويأمر به غيره.
ويحتمل: يبخلون بما عندهم من العلوم والأحكام، لم يُعَلِّمُوا غيرهم، ويأمرون الناس بذلك.
ويحتمل قوله: يبخلون بإظهار نعت مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ويأمرون الناس به؛ ألا ترى أنه قال:(وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) أي: يكتمون نعت مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وصفته.
ويحتمل قوله:(وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) أي: يكتمون، من العلوم والحكمة.
ويحتمل: ما ذكرنا: أنهم يكتمون ويبخلون بما آتاهم اللَّه من فضله من الأموال، ولا ينفقونها، وفي ترك الإنفاق والتصدق كتمان ما أنعم اللَّه عليهم، وعلى ذلك روي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال:" مَنْ أَتَاهُ اللهُ نِعْمَة فَلْتُرَى عَلَيهِ " لعله أراد بقوله: " تُرَى عَلَيهِ " أن ينفقها على نفسه ويتصدق بها ويلبسها.
وجائز أن يكون أراد - واللَّه أعلم - الإنفاق والتصدق على غيرهم، فعلى ذلك كتمان ما آتاهم اللَّه من الأموال إذا تركوا الإنفاق على غيرهم؛ لأن من كانت له الأموال لا يترك الإنفاق على نفسه.