للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الماء إن هو توضأ به؛ فدل أن اللَّه - تعالى - لما أباح للمريض التيمم لم يبح باسم المرض، ولكنه لمعنى في المرض؛ دليله ما ذكر أنه لم يبح لكل مريض، وإنما أبيح لمريض دون مريض.

وفيه دليل لقول أبي حنيفة - رضي اللَّه عنه - حيث أباح للمقيم الجنب التيمم إذا خاف على نفسه الهلاك؛ ألا ترى أن اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - أباح للسفر التيمم، ولم يبحه باسم السفر، ولكنه أباح لمعنى فيه: وهو إذا كان بمكان إعذار والماء؛ ألا ترى أنه لا يباح له التيمم في الأمصار، وإن كان اسم السفر موجودًا؛ لعدم معنى السفر؛ فعلى ذلك إباحة التيمم للمريض إباحة لمعنى في المرض؛ ألا ترى أنه ذكر مجيئه من الغائط، والغائط هو المكان المطمئن الذي يقضي فيه الحاجة، ولا كل من جاء من ذلك المكان يلزمه الوضوء والتيمم؛ دل أنه لمعنى فيه، فعلى ذلك الأول.

وروي أن جريحًا غسل فمات، فبلغ الخبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ فقال: " قَتَلَوهُ، فَإِنَّمَا يَكْفِيهِم كَفٌّ مِنْ تُرَابٍ "، وكذلك غسل محدود فمات، فقال: " قَتَلوه، إِنَّمَا يَكْفِيهِ كَفٌّ مِنْ تُرَابٍ " ونحو هذا، فإذا ثبت أن المراد من المرض والسفر والغائط المعنى الذي فيه لا لعين المرض والسفر والغائط؛ لما ذكرنا؛ دل أن كل مريض يباح له التيمم، وإنما يباح لمريض دون مريض، وكذلك لم يبح لكل أسفر وإنما يباح، لسفر دون سفر، ومكان دون مكان، وهو المكان الذي يعدم الماء فيه ويفقد.

فعلى ذلك المراد من قوله: (أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>