للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم يحتمل قوله: (مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ) بصفته، ونعته، ونبوته، ومبعثه، وزمانه، فيه فيما معكم، لا يخالف في شيء من ذلك.

ويحتمل: أنه هو النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - الذي آمنتم به قبل أن يبعث، فكيف كفرتم باللَّه؟! واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا. . .) الآية.

قيل: لما نزلت هذه لآية قدم عبد اللَّه بن سلام على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فأسلم، وقال: يا رسول اللَّه، ما كنت أرى أني أصل إليك حتى يتحول وجهي في قفاي.

وقيل: طمسها: أن تعمى أبصارها، وردها على أدبارها.

وقيل: طمس الوجوه: أن تعمى، وترد عن بصرتها، وذلك أنهم كانوا مؤمنين بمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مستيقنين بمُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه نبي اللَّه، يجدونه في كتبهم، يقول: حققوا إيمانكم بمُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وبكتابه من قبل أن نضلكم عن هداكم؛ فتصيروا ضُلَّالًا؛ فلا تعلمون ما كنتم تعملون.

ويحتمل أن تكون الآية خرجت على الوعيد، وهي على التمثيل، لا على التحقيق.

ويحتمل: على التحقيق؛ كقوله - تعالى -: (أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ) ويحتمل أن يكون هذا في الآخرة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ أيضًا -: (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا) يحتمل الحقيقة؛ فيرجع إلى يوم القيامة، فيذهب عنه جميع محاسن الوجه.

أو نطمس وجوه الحق عنه بمعاندته، فيبصر الحق بغير صورته والباطل بغير صورته بعد أن كانوا رأوا كل شيء بصورته في كتبهم المنزلة، واللَّه أعلم.

أو نطمس وجوههم عند أتباعهم الذين لأجلهم غيروا وحرفوا بما يطلعهم على خيانتهم، ويظهر لهم تبديلهم، وقد فعل بحمد اللَّه تعالى.

وقد يحتمل الوعيد: أن يفعل بهم إن لم يؤمنوا حقيقة ذلك؛ كفعله بأصحاب السبت، تغير الجوهر، ثم لعل أُولَئِكَ قد أسلموا، أو نزل بهم ولم يذكر، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>