(صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، وقوله:(بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ. . .) الآية، وقوله - تعالى -: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)، وقوله:(وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ. . .) الآية، وغير ذلك؛ فيضاف إليه بما منه في ذلك من الفضل والنعمة؛ شكرًا، والثاني في زله وضلاله لا تجوز الإضافة إليه لما شبه الاعتذار، ولا عذر لأحد في ذلك، ويقبح في الإضافة، وذلك نحو القول بأنه: رب السماوات والأرض، ولا يقال: هو رب الخنازير والأقذار، ونحو ذلك؛ لما يقبح في السمع، وإن كان من حيث الخلق والتقدير واحدًا، فمثله أمر الأفعال، واللَّه الموفق.
ونفي الإضافة عنه لا يدل على نفي أن يكون خلقه؛ لما بينا من الأشياء؛ الإضافة إليه كالتخصيحص، فلا يقال: يا خالق القردة والخنازير، ويا إله الأقذار والخبائث، ويا رب الشرور والمصائب، وإن كان كل ذلك داخلا في أسماء الجملة، ومحقق منه تقديرها وخلقها، وكذلك الفواحش والكبائر، واللَّه أعلم.
والثاني: الخيرات والأعمال الزاكية قد تضاف إليه، لا من وجه التخليق عند الجميع، بل عندنا: من جهة الإفضال بالتوفيق والإنشاء، وعند المعتزلة: من جهة الأمر والترغيب؛ فعلى ذلك نفي الإضافة فيما لم يضف إليه لهذا، وأيدَتْ هذا قراءة عبد اللَّه بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " وأنا قدرتها عليك ".
فإن قال قائل: ذلك لا يقع على الأفعال؛ لقوله:(مَا أَصَابَكَ)، ولو كان عليها كان يقول: ما أصبت، ثم كان له جوابان:
أحدهما: أن الإجابة اسم مشترك، ما يصيبه هو يصيب ذلك، فسواء لو أضيف إليه أو أضيف هو إليه، واللَّه أعلم.
والثاني: أن ذلك يخرج مخرج الجزاء أيضًا إذا كان على ما يقوله؛ فيكون على ما يصيبه من جزاء حسنة أو سيئة، وإذ لم يجعل لله في حسنه فضلا لم يحتمل الإضافة إليه مع ما قد بينا من إضافات أعمال الخير إليه، ودفع الشر لما ليس في فعله من اللَّه إفضال عليه به