في قومهم بكفرهم؛ فأمر اللَّه بقتالهم، إلا أن يعتزلوا عن قتالهم.
وقيل: قوله - تعالى -: (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ) غيرهم ممن لا يفي لكم ما كان بينكم وبينهم من العهد
(يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ) يقول: يريدون أن يأمنوا فيكم؛ فلا تتعرضوا لهم، ويأمنوا في قومهم بكفرهم؛ فلا يتعرضوا لهم.
ثم أخبر - عَزَّ وَجَلَّ - عن صنيعهم وحالهم، فقال:
(كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ)
يعني: الشرك.
(أُرْكِسُوا فِيهَا)
أي: كلما دُعوا إلى الشرك فرجعوا فيها، فهَؤُلَاءِ أمر اللَّه رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بقتالهم، وعرفه صفتهم، إن لم يعتزلوا ولم يكفوا أيديهم عن قتالكم.
(فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا)
أي: جعلنا لكم عليهم سلطان القتل وحجته.
وفي حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " ويكفوا أيديكم عن أن يقاتلوكم "
وفي حرفه: " ركسوا فيها ".
وفي حرف حفصة: " ركسوا فيها "
وفي حرفها: " أن يقاتلوكم ويقاتلوا قومهم ".
ثم يحتمل نسخ هذه الآية بقوله: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ).
وقوله - تعالى -: (فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) بقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)؛ لأن الفرض في القتال أول ما كان فرض أنه يقاتل من قاتلنا وبدأنا، ثم إن اللَّه - تعالى - قال: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ).