ويجوز أن يكون ما ذكر في الآية الأولى وأمر به، وهو قوله:(لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ. . .) إلى قوله: (الْبَيْتَ الْحَرَامَ) يقول: عاونوهم على ما يأتون به من ذلك؛ فإنهم إلى البر يقصدون عند أنفسهم، وإن لم يكن فعلهم برًّا؛ لعبادتهم غير اللَّه تعالى.
وإنما أمروا بمعاونتهم، وترك التعرض لهم -إن ثبت ما ذكر في القصة-: إذا أحرموا، أو قلدوا، أو قصدوا البيت الحرام في الوقت الذي جاز أن يعاهدوا فيه؛ كما يجوز لنا معاهدة أهل الكتاب على ألا نعرض لكنائسهم وبِيَعِهِم، وإن كانوا يعصون اللَّه فيها؛ لأنهم يدينون بذلك، ويقصدون به البر عند أنفسهم.
فلما أمر بنقض عهود مشركي العرب، أمر بمنعهم من دخول المسجد، وأن يقتلوا حيث وجدوا، وإلى هذا المعنى ذهب أصحابنا - رحمهم اللَّه، واللَّه أعلم - في فَرقهم بين شهادة أهل الذمة على أمثالهم، وشهادة فُساق المسلمين؛ لأن أهل الذمة متدينون