للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان يجوز أن يدرأ الحد عن بعض السراق، إذا سرقوا من محارمهم، أو ممن له تأويل الملك في ماله أو شبهة التناول منه؛ لأنه إذا سرق ممن ليس له ذلك التأويل ولا تلك الشبهة - قطع؛ فدل أنها عامة في السراق؛ وعلى هذا يخرج قول ابن عَبَّاسٍ؛ حيث سئل عن قوله - تعالى -: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) أخاص هو أم عام؟ فقال: " لا؛ بل عام " أي: عام في السراق؛ ألا ترى أنه قال في خبر آخر؛ حيث سئل عن ذلك فقال: " ما كان من الرجال والنساء قطع ".

وأما قولنا: " خاص في السرقة "؛ لأنه لا يحتمل قلب أحد قطع اليد في الشيء التافه الخسيس الذي إذا أخذ أمنه، دل أن الخطاب بذلك من اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - رجع إلى سرقة دون سرقة، لا إلى كل ما يقع عليه اسم السرقة؛ وكذلك الخطاب بقطع اليد رجع إلى بعض اليد، وهو الكف، وإن كان اسم اليد يقع من الأصابع إلى الإبط؛ لأن الناس مع اختلافهم - اتفقوا على أن اليد لا تقطع من الإبط ولا من المرفق، لكنهم اختلفوا فيما دون ذلك: فعلى قول بعضهم: تقطع الأصابع دون الكف، وعندنا: أنه تقطع الأصابع بالكف؛ لأنه بها يُقْبَضُ الشيءُ وُيؤْخذ؛ فمخرج الخطاب بالقطع عام، والمراد منه: رجع إلى بعض اليد دون بعض.

وكذلك قوله تعالى: (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) مخرج الخطاب بالقطع عام، ليس فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>