للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجاز وليس على الحقيقة، وذلك لأنه لم يسمع قول فلان حقيقة؛ ولم يسمع كلامه وإنما سمع صوتًا يفهمه به.

وبناء على ذلك فإن الماتريدية يقولون بأن موسى -عليه السلام- لم يسمع كلام اللَّه، وإنما سمع صوتًا دالاًّ عليه، ولقد خلق اللَّه تعالى هذا الصوت، وليس ذلك لأحد من خلقه.

فالماتريدي يرى أن كلام اللَّه القديم لا يسمع، وأن ما نسمعه من الحروف والأصوات ليست هي كلام اللَّه بذاتها! وذلك لأنها عرض، والعرض لا يبقى زمانين.

الأشاعرة:

يقول الأشاعرة بأن الكلام إنما يراد به الصفة القديمة.

يقول البيجوري في شرح الجوهرة عن الكلام: " إنه صفة أزلية قائمة بذاته، ليست بصوت ولا حرف منزهة عن التقديم والتأخير، ومنافية للسكوت والآفة ".

ويقول أبو الحسن الأشعري: " إن كلامه واحد، هو أمر ونهي وخبر واستخبار ووعد ووعيد، وهذه الوجوه ترجع إلى اعتبارات في كلامه لا إلى عدد في نفس الكلام ".

ويجب أن يعرف أن الإمام أبا الحسن الأشعري لا ينكر الكلام اللفظي، وإنما يثبت الكلام النفسي واللفظي، ويتضح ذلك من قوله: " وأجمعوا على إثبات حياة لله عَزَّ وَجَلَّ لم يزل بها حيًّا، وعلمًا لم يزل به عالمًا، وقدرة لم يزل بها قادرًا، وكلامًا لم يزل به متكلمًا، وإرادة لم يزل بها مريدًا، وسمعًا وبصرًا لم يزل بهما سميعًا بصيرًا ".

ويتضح من عرض رأي كل من السادة الماتريدية والأشاعرة أن الماتريدية يتفقون مع الأشاعرة في إثبات صفة الكلام لله تعالى، وأن الماتريدية يرون أن حقيقة الكلام لا تسمع في الشاهد، وإنما تسمع على سبيل الموافقة والمجاز.

ويظهر الخلاف بين الماتريدية والأشاعرة فيما سمعه موسى - عليه السلام - أن الماتريدية يذهبون إلى أن موسى - عليه السلام - لم يسمع كلام اللَّه القديم وإنما سمع أصواتًا دلت عليه، وخص موسى بذلك؛ لأنه بغير واسطة الكتاب والملك.

<<  <  ج: ص:  >  >>