وقوله - تعالى -: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا)، وليس في نسخ شريعة بشريعة خروج عن الحكمة عند من عرف النسخ؛ لأن النسخ بيان منتهى الحكم إلى وقت ليس على ما فهمت اليهود من البداء والرجوع عما كان، وقد ذكرنا الوجه في ذلك فيما تقدم ما فيه مقنع بحمد اللَّه تعالى وَمَنِّهِ.
قال ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنه -: " الشرعة: هي السبيل، وهي الشريعة، وجمعها: شرائع، وبها سميت شرائع الإسلام، وكل شيء شرعت فيه فهو شريعة.
وقال: " المنهاج: السنة، والشرعة: هي السبيل ".
وقيل: الشرعة: السنة، والمنهاج: السبيل، يعني: الطريق الواضح الذي يتضح لكل سَالك فيه إلا المعاند والمكابر؛ فإنه يترك السلوك فيه مكابرة، يخبر - عَزَّ وَجَلَّ، واللَّه أعلم - أنه لم يترك الناس حيارى لم يبين لهم الطريق الواضح يسلكون فيه؛ بل بيَّن لهم ما يتضح لهم إن لم يعاندوا؛ ليقطع عليهم العذر والحجاج، وإن لم يكن لهم حجاج، وباللَّه التوفيق.
اختلف فيه، قيل: لو شاء اللَّه، لجعلكم جميعا على شريعة واحدة، لا تنسخ بشريعة أخرى، لكن نسخ شريعة بشريعة أخرى؛ لفضل امتحان، ولله أن يمتحن عباده بمحن مختلفة، كيف شاء بما شاء.
وقيل:(وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً)، أي: على دين واحد، وهو دين الإسلام، لم يجعل كافرًا ولا مشركًا، ولكن امتحنكم بأديان مختلفة على ما تختارون وتؤثرون، ثم اختلف في المشيئة: