للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وابن مريم لا يحتمل أن يكون إلهًا.

والثاني: أخبر أنه رسول قد خلت من قبله الرسل، أي: قد خلت من قبل عيسى رسل مع آيات وبراهين لم يقل أحد من الأمم السالفة: إنهم كانوا آلهة، فكيف قلتم أنتم بأن عيسى إله، وإن كان معه آيات وبراهين لرسالته؟!

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ).

قيل: مطهرة عن الأقذار كلها، صالحة.

وقيل: (صِدِّيقَةٌ): تشبه النبيين، وذلك أن جبريل - عليه السلام - لما أتاها وقال: (إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا) صدقته كتصديق الأنبياء والرسل الملائكة، وأما سائر الخلائق: إنما يصدقون الملائكة بإخبار الرسل إياهم، وهي إنما صدقت جبريل بإخباره أنه ملك، وأنه رسول؛ لذلك سميت صديقة، واللَّه أعلم.

وقيل: كل مؤمن صديق؛ كقوله - تعالى -: (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ. . .) الآية.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ): فيه الاحتجاج عليهم من وجهين:

أحدهما: أن الجوع قد كان يغلبهما ويحوجهما إلى أن يدفعا ذلك عن أنفسهما، ومن غلبه الجوع وقهره كيف يصلح أن يكون ربًّا إلها؟!.

والثاني: أنهما إذا احتاجا إلى الطعام لا بد من أن يدفعهما ذلك إلى إزالة الأذى عن أنفسهما ودفعه، والقيام في أخبث الأماكن وأقبحها، فمن دفع إلى ذلك لا يكون إلها، تعالى اللَّه عن ذلك علوَّا كبيرًا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ): والآيات ما ذكر من وجوه المحاجة عليهم:

أحدها: أنه ابن مريم، ومن كان ابن آخر لا يكون إلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>