للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بتكفير ذلك، وذلك المعنى موجود في الوجهين؛ لذلك لزمت الكفارة في الأمرين، واللَّه أعلم.

ولو كانت على التأويل الثاني أو على أحد وجهي التأويل، لأمكن ألا يؤاخذ بالمأثم ولا بالكفارة جميعًا، والذي يبين أن هذا التأويل أنه ذكر المؤاخذة في الآيتين.

فأحدهما: بكسب القلوب وكسبها تعمدها، والمؤاخذة به تكون بالمأثم لا بالحقوق والكفارات؛ إذ لا يؤاخذ في شيء بكسب القلب خاصة كفارة أو حقا يوجب، وإن كان قد يؤخذ لذلك عند أفعال الجوارح، فأما له خاصة فلا، وقد يكون به الطاعة والمعصية؛ وعلى ذلك قوله: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ).

وإذا ثبت أن ذلك في المآثم فلا يؤاخذ، ثم لا مأثم فيما ذكر من عقد اليمين في العقد؛ إذ هو يخرج مخرج التعظيم للَّهِ، وقد رويت عقود الأيمان عن الرسل؛ فثبت أن المؤاخذة فيها بالكفارة؛ فلا يؤاخذ بها في اللغو أيضًا، وأيد ذلك أن اللَّه تعالى ذكر ما لا يؤاخذ مرتين، وذكر المؤاخذة كذلك، فلو كانت المؤاخذة بواحد لكان الذكر الواحد كافيًا؛ فثبت أنه بأمرين مختلفين؛ فعلى ذلك أمر العفو، واللَّه أعلم. مع ما أنه قد تبين في آية المعاقدة كيفية المؤاخذة ولم يبين في كسب القلب؛ فيجب أن يكون العفو عما جرى به بيان المؤاخذة أحق منه مما لم يَجْرِ به؛ فثبت أنه في رفع المؤاخذة بالكفارة، ولو كان على ما يقوله سعيد لكانت تجب الكفارة بما سلف بيانه؛ لذلك قلنا: إن هذا أحق بالآية، واللَّه أعلم.

ثم إذا ثبت أن اللغو مما لا يجب فيه الكفارة، يحتمل أن يكون لم يجب من حيث

<<  <  ج: ص:  >  >>