للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معصية؛ إذ نهي عنه، ويمينه كانت قبل النهي، فصار آيسًا عن البر بذلك، وبذلك يكون الحنث لا بعدم إمكان الوفاء، لكن غيره؛ إذ لا يؤمن منه العصيان، فذلك وقت إياسه عنه، ورسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إذ قد عصم عن ذلك فوقت إياسه وقت النهي، ولا قوة إلا باللَّه. ثم قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ):

في متعارف اللغة على التقريب؛ ليأكلوا، لا على التمليك؛ وكذلك الأمر المتعارف بين الخلق فيما ينسب بعضهم إلى بعض الإطعام، وأيد ذلك قوله: (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ)، ولا يعرف التمليك في إطعام الأهل، ولا خطر ببال أحد ذلك، وقد عرفهم اللَّه - تعالى - ما فرض عليهم بالذي كان علمه عند كل أحد معلومًا؛ إذ قَلَّ إنسان يخلو من أن يكون أهلا لأحد، أو له أهل؛ فلا يحتمل أن يُظَنَّ بأحد الجهل به حتى يسأل؛ فيكون ذلك إلزام الفرض مع رفع وهم الجهل به عن العقل، ثم لا نعرف بها، واللَّه أعلم.

والذي يوضح هذا من طريق العبرة أنه ذكر في ذلك إطعام عشرة مساكين، والمسكنة: هي الحاجة، وحاجة المسكين إلى الطعام معلوم أنها تكون إلى أكله دون ملكه، وجهات حاجات الأملاك مما يعم المساكين وغيرهم، مع ما قَدَّر ذلك بالكفاية والشبع؛ وحق ذلك في التقريب للتطعم لا في التمليك عليه، ولكن يجوز التمليك بما به التمكين لذلك؛ فيجب بذلك الجواز بكل ما فيه تمكين ذلك بهما أو ما كان، إذ جواز التمليك بحق التمكين لا بحق النظر، مع ما كان في تمليك الثمن الوصول إلى ما يختار هو على الوجه الذي يختار الاغتذاء، فإن ذلك أقرب إلى قضاء حاجته، ولو كان

<<  <  ج: ص:  >  >>