للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في ذلك في قتل ثلاث فرق، ذكر في كل مرة (وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)،

لم يدع ذكر ذلك في شيء منها للذكر في نوع من ذلك، على قرب ما بين أُولَئِكَ الأسباب، فلو كان يحتمل الاقتصار على بيان الكفاية دون المبالغة، أو يجب ذلك في النظر - لكان يذكر مرة كفاية على نحو الصوم فيه، فإذا لم يكتف على تقارب المعنى بان أن ذلك نوع ما لم يؤذن فيه تعليق الحكم بالمعنى، بل لو كان مأذونًا فيه، لكان يوجد في القتل معان لا توجد في غير ذلك؛ فلا يجوز قياس غيره عليه، واللَّه أعلم.

فإن قال قائل: إذ قال اللَّه - تعالى -: (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا) ثم قد جعل سيئة الظهار والقتل: عتق رقبة، وبالصيام: صوم شهرين متتابعين، فكيف جعل مثل سيئة الحنث بالعتق: عتق رقبة، وبالصيام: ثلاثة أيام؛ فلو كان ثلاثة عديل العتق لماذا زاد في الظهار والقتل في الجزاء؟

نقول - وباللَّه التوفيق -: لذلك أجوبة ثلاثة:

أن الجزاء في الدنيا هو ما يجوز به المحنة ابتداء؛ لا على الجزاء، فعلى ذلك يجوز فيه الزيادة بحق المحنة، لا الجزاء والقضاء، وبحق العفو، كما قال - عَزَّ وَجَلَّ - (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً)، وقال (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ) وفي الآخرة لا يكون بحق ابتداء المحنة، إنما ذلك بحق الجزاء وهو - عَزَّ وَجَلَّ - حكيم عدل لا يزيد على ما توجبه الحكمة، ويجوز التجاوز بما هو عفو كريم؛ فلذلك اختلف الأمران.

والثاني: أن يقال: حق جزاء كل ما فيه العتق صيامُ شهرين متتابعين، ولله العفو فيه، عامل الحانث فرضي منه بصوم ثلاثة أيام؛ لما علم - عَزَّ وَجَلَّ - في ذلك من المصالح، واللَّه أعلم.

والثالث: أن يكون حق الجزاء في اليمين بالصيام ما ذكره، وكذلك في القتل والظهار، وفيهما حق العتق كذلك، وفي اليمين دونه، ولكنه تمم بما لا يحتمل التجزئة على حق كل شيء لا يتجزأ أن جزءًا منه متى وجب يجب كله؛ فعلى ذلك العتق، واللَّه

<<  <  ج: ص:  >  >>