أنه أكثر شأنها؛ فلما لم يكن في سائر الطير المحرمة والسباع هذه العلة، وكان المعروف فيها أنها لا تبتدئ بالأذى - لم يجز أن تشبه بالخمسة المسماة في الخبر، فإذا ابتدأ منها مبتدئ المحرمَ بالأذى؛ كان حينئذ مثل الخمسة؛ فجاز له قتلها بغير فدية.
وبعد: فإن الذي لا يؤكل لحمه يسمى: صيدًا، والصيادون يصيدونه؛ فكان داخلا تحت عموم الخطاب، ومخالفنا تارك لأصله في العموم؛ لأنه خص الآية بغير دليل، ومن أصله أن الآية على العموم، ولا تخص إلا بدليل، وأصحابنا - رحمهم اللَّه - يجعلون الصيد كله محظورًا أكل أو لم يؤكل إلا ما عدا منها، فإن قتله قبل أن يعدو عليه لزمه الفداء؛ ذهبوا في ذلك:
إلى ما روي في الخبر: خبر أبي سعيد - رضي اللَّه عنه - عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:" يَقْتَلُ الْمُحْرِمُ كَذَا وَكَذا وَالسَّبُعَ العَادِي "، فالعادي: ما يعدو على المحرم.
وإلى ما روي عن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وغيره، مع ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه جعل على المحرم قَتَلَ ضبعًا - جزاءه، وكذلك روي عن عمر وابن عَبَّاسٍ وابن عمر - رضي اللَّه عنهم - وهي مما يؤكل.