للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَلَال لَكُم وَأَنْتُم حُرُمٌ؛ مَا لَم تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَدْ لَكُم "، رخص النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في أكل لحم الصيد للمحرم إذا لم يَصِدْهُ ولم يُصَدْ له، وبذلك أخذ أصحابنا.

وفي الآية دليل لقولنا، وهو قوله - تعالى -: (لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ)، وقال: (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا) فمعناه - واللَّه أعلم -: اصطياده؛ ألا ترى أن صيد ما لا يؤكل لحمه محظور؛ فدل ذلك على أن الآية نزلت في الاصطياد لا في أكل لحمه؛ لأن لحم الصيد قد خرج من أن يصاد؛ فالتحريم غير واقع عليه، ليس كالبيض؛ لأن البيض قد يصير صيدًا، واللحم ليس كذلك، ولأن المحرم لو أتلف البيض غرم قيمته، ولو أتلف لحم الصيد لم يضمن شيئًا، فما لزمه الضمان منع عن أكله، وما لم يلزمه لا، ولأنه لو حرم على المحرم التناول من لحم صيد صاده حلال، لوجب أن يحرم على أهل مكة التناول منه؛ إذ هم أهل حرم اللَّه، وذلك بعيد؛ فأخذ أصحابنا - رحمهم اللَّه - بما روينا من الأخبار عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - من حديث أبي قتادة وغيره، وبما دل عليه ظاهر الكتاب، وهو قول عمر وعثمان وغيرهما، رضي اللَّه عنهم.

فَإِنْ قِيلَ: روي عن ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنه - عن زيد بن أرقم أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - نهي المحرم عن لحم الصيد.

وفي خبر آخر عن زيد بن أرقم - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - - قال: أهدى لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عضوًا من لحم صيد، فرده، وقال: " إِنَّا حُرُمٌ لَا نَأْكُلُهُ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>