للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ظن بعض الناس أن الآية رفعت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسعة في ترك ذلك، وليس فيه رفع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ولكن فيه إنباء أن ليس علينا فيما يرد ولا يقبل من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - شيء، وهو كقوله - تعالى -: (مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ)، وكقوله - تعالى -: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ. . .) الآية. ليس فيه رخصة ترك تبليغ الرسالة إليهم، ورفعه عنه، ولكن إخبار أن ليس عليه فيما يرد وترك القبول شيء، كقوله: (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ)؛ فعلى ذلك الأول، واللَّه أعلم.

ويحتمل: أن يكون في الآية دليل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنه قال: (لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ) بترك قبول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) أنتم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، وبذلك وصف اللَّه هذه الأمة بقوله: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ).

وعن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: " مَنْ لَم يَرحَم صَغِيرَنَا، وَلَم يُوَقر كَبِيرَنَا، وَلَم يَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ، وَلَم يَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَلَيسَ مِنَّا ".

وعن عائشة - رضي اللَّه عنها - أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - دخل عليَّ - وقد حفزه - النفس، فتوضأ، ثم خرج إلى المسجد، فقمت من وراء الحجاب، فصعد المنبر، ثم قال: " أَيهَا النَّاسُ، إن اللهَ يَقُولُ: مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهوا عَنِ الْمُنْكَرِ قَبلَ أَنْ تَدْعُونِي فَلَا أُجِيبَكُم، وَتَسألُوني فَلَا أُعْطِيكُم، وَتَستَغِيثُونِي فَلَا أُغِيثَكُم، وَتَستَنْصِرُوني فَلَا أَنْصُرَكُم ".

وعن أبي بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: (يَا أَيُّهَا الناس، إنكم تقرءون هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>