للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كيف أعلم من هو أعلم مني؟ ونحو هذا كثير مما يكثر ويطول ذكره، وأما ما أنعم اللَّه على والدته هو ما ذكر في قوله - تعالى -: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا) وما ذكر في قوله: (يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ)، طهرها عن جميع ما تبلى به بنات آدم؛ فذلك من أعظم النعم، وأجل المنن، ثم أمر عيسى بشكر ما أنعم عليه وعلى والدته؛ حيث قال: (اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ) وفي ذكر النعم شكرها، وأمر -أيضًا- بشكر ما أنعم على والدته ليعلم أن على المرء شكر ما أنعم على والدته، كما يلزم شكر ما أنعم على نفسه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ) اختلف فيه:

قَالَ بَعْضُهُمْ: بروحه المبارك الذي أعطى في حال طفولته، به كان يدعو الناس إلى توحيد اللَّه وعبادتهم له.

وقيل: إن روح القدس هو الدعاء المبارك الذي به كان يحيي الموتى، ويبرئ الأكمه والأبرص بدعائه.

وقال أهل التأويل: الروح: هو جبريل، والقدس هو اللَّه؛ كقوله - تعالى -: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) أي: جبريل.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) قال الحسن: الكتاب والحكمة واحد، الكتاب هو الحكمة، والحكمة هي الكتاب؛ لأن جميع كتب اللَّه كان حكمة.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: الكتاب: ما يكتب من العلم، والحكمة: هي ما يعطى الإنسان من العلم على غير تعلم.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: الكتاب: هو ما يحفظ، والحكمة هي الفقه، وهو واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>