للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بل يدركانهم، شاءوا أو أبوا، وسلطانهما جار عليهم ليعلموا أن لغير فيهما تدبيرا، وأن قهرهما الخلق وسلطانهما كان بسلطان من له التدبير والعلم، ثم جريانهما على سنن واحد ومجرى واحد يدل على أن منشئهما واحد، ومدبرهما عليم حكيم.

وقال بعض أهل التأويل: (وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ)، ما استقر في الليل والنهار، من الدواب والطير، في البر والبحر، فمنها ما يستقر نهارًا وينتشر ليلا، ومنها ما يستقر بالليل وينتشر بالنهار.

وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: (وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) وذلك أن كفار أهل مكة أتوا رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وقالوا: يا مُحَمَّد، إنا قد علمنا أنه ما يحملك على هذا الذي تدعو إليه إلا الحاجة، فنحن نجعلك في أموالنا حتى تكون أغنانا رجلا، وترجع عما أنت عليه؛ فنزلت: (وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ)؛ لمقالة أُولَئِكَ.

(العَلِيمُ) من أين يرزقهم، لكن الوجه فيه ما ذكرنا آنفًا أن الخلق كلهم تحت قهرهما وسلطانهما.

وفيهما وجوه من الحكمة:

أحدها: بعض ما ذكرنا ليعلم أن مدبرهما واحد، وفيه نقض قول الفلاسفة؛ لأنهم

<<  <  ج: ص:  >  >>