للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: قوله: (بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) وذلك أنهم حين قالوا: (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ).

وقوله: (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ)، يحتمل قوله (وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) أي: حبسوا إذ لو وقف حبس، والنار لا يوقف عليها، بل يكون فيها ما قال - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ)، وقال: (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ)، ويحتمل الوقف عندها قبل الدخول في حال الحساب للمساءلة؛ كقوله: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ. . .) الآية، (وَلَو تَرَى) أي: لو ترى ذلهم وخضوعهم، كقوله: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ)، ولم يذكر جواب " لو "، وقد يترك جواب (لو) لما يعلم ربما يعلم بالتأمل أو بالذكر؛ كقوله: (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا)، بمعنى ظننتم، أو على ما ذكر في موضع آخر؛ نحو قوله: (قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا) وكذلك قوله: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ)، وغير ذلك، فلعل معناه: لو ترى ذلهم بعد استكبارهم لرحمتهم على ما هم عليه، ولهان عليك التصبر لأذاهم، ولأشفقت عليهم.

ويحتمل قوله: ولو ترى ما ينزل بهم من نقمة اللَّه، ويحل بهم من عذابه، لعلمت أن القوة لله جميعًا، وأنه بحلمه ورحمته يملي لهم ويسترجعهم؛ كقوله: (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا).

ويحتمل أن يكون جوابه فيما ذكر من تمنيهم العود، وندامتهم على ما سلف منهم، وشدة تلهفهم على صنيعهم لرأيت ذلك أمرًا عظيمًا، وجزاء بالغًا، لما يكون ما ينزل بهم أعظم عندك مما تلقى منهم.

وقد يخرج الخطاب لرسول اللَّه على تضمن تنبيه كل مميز وتبصير كل متأمّل، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>