للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)، ونحو ذلك من الآيات، يشفق عليهم بتركهم الإيمان لما يعذبون أبدًا في النار، فعلى ذلك قوله: (وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ).

أو كان يكبر عليه ويثقل إعراضهم لما كانوا يطلبون منه الآيات، حتى إذا جاء بها لا يؤمنون؛ من نحو ما قالوا: (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ) وغير ذلك من الآيات التي سألوها، فطمع رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في إيمانهم إذا جاء بما سألوا من الآيات، فكان اللَّه عالمًا بأنه وإن جاءتهم آيات لم يؤمنوا، وإنَّمَا يسألون سؤال تعنت لا سؤال طلب آيات لتدلهم على الهدى، فقال عند ذلك: (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ).

أو أن يكون قوله: (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ) ونهيًا عن الحزن عليهم، أي: لا تحزن عليهم كل هذا الحزن بما ينزل بهم، وقد تعلم صنيعهم وسوء معاملتهم آيات الله.

وكذلك روي في القصة عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن نفرًا من قريش قالوا: يا مُحَمَّد، ائتنا بآية كما كانت الأنبياء تأتي قومها بالآيات إذا سألوهم: فإن أتيتنا آمنا بك وصدقناك، فأبى اللَّه أن يأتيهم بما قالوا، فأعرضوا عنه، فكبر ذلك عليه وشق، فأنزل اللَّه: (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ. . .). يقول: إن قدرت (أَنْ تَبْتَغِيَ) يقول: أن تطلب (نَفَقًا فِي الْأَرْضِ) يقول: سربًا في الأرض كنفق اليربوع نافذًا أو مخرجًا فتوارى

<<  <  ج: ص:  >  >>