للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢)، ليس يريد بـ (وَالضُّحَى) الضحوة خاصة ولكن النهار كله.

ألا ترى أنه قال: (وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) ذكر الليل دل أنه كان الضحى كناية عن النهار جملة؛ فعلى ذلك الغداة والعشي يجوز أن يكون كناية عن الليل والنهار جملة، والله أعلم.

وجائز أن يكون أصحاب الحرف والمكاسب، لا يتفرغون للاجتماع إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - والاستماع منه في عامة النهار، ولكن يجتمعون إليه ويستمعون منه بالغداة والعشي، فكان ذكر الغداة والعشي لذلك أو لما ذكرنا.

وجائز أن يكون المراد بذكر الغداة والعشي صلاة الغداة، وصلاة العشاء؛ يقول: لا تطرد من يشهد هاتين الصلاتين، وإنَّمَاكان يشهدهما أهل الإيمان، وأما أهل النفاق: فإنهم كانوا لا يشهدون هاتين الصلاتين، ويحتمل غير ما ذكرنا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ)

الظلم على وجوه: ظلم كفر، وظلم شرك، وظلم يكون بدونه، وهو أن يمنع أحدا حقه أو أخذ منه حقا بغير حق؛ فهو كله ظلم.

والظلم - هاهنا واللَّه أعلم -: يشبه أن يكون هو وضع الحكمة في غير أهلها؛ لأنه لو كان منه ها ذكر من طرد أُولَئِكَ وإدناء أُولَئِكَ، لم يكن أهلا للحكمة، ويجوز أن يوصف واضع الحكمة في غير موضعها بالظلم؛ على ما روي في الخبر: " أن من وضع الحكمة في غير أهلها فقد ظلمها، ومن منعها عن أهلها فقد ظلمهم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>