لأنه لو لم تكن شرطا في حل الذبيحة لم يكن الْمُهلُّ به لغير اسم اللَّه ميتة حراما، ولأنه سمى ما لم يذكر اسم اللَّه عليه فسقا، والفسقُ هو الخروج عن أمر اللَّه؛ كقوله:(فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ)، أي: خرج؛ فدل أن التسمية شرط فيها.
ولهذا يحل لنا ذبائح أهل الكتاب إذا سمعناهم يذكرون اسم اللَّه عليه، وإن كانوا ما يذكرون في الحقيقة غير اللَّه؛ لأنهم لا يعرفون اللَّه حقيقة، ولكن إذا ذكروا اسم اللَّه عليه تحل لنا.
ولا يحل ذبائح أهل الشرك؛ لأن أهل الشرك لا يرون الذبائح رأسًا؛ يذهبون مذهب الزنادقة، والزنادقة لا يرون الذبائح؛ يقولون لنا: إنكم تقولون: إن ربكم رحيم حكيم، وليس من الحكمة والرحمة أن يأمر أحدًا بذبح آخر ويقتله؛ فيأكلون الميتة ولا يرون أكل الذبيحة، ويقولون: ليس هذا أمرَ مَن كان موصوفًا بالرحمة أو بالحكمة.
لكنا نقول: إن كراهة الذبح والنفور عنه نفور طبع وكراهته كراهة طبع لا كراهة العقل.
فما يكرهه الطبع وينفر عنه يجوز أن يباح لما يعقب نفعًا في المتعقب نحو ما يباح الافتصاد والحجامة والتداوي بأدوية كريهة لنفع يعقب ويتأمل، وإن كان الطبع يكرهه وينفر عنه وليس هو مما يقبحه العقل إنما لا يجوز أن يباح بفعل ويؤمر به مما يقبحه العقل ويكرهه.