ولم يذكر الرسل، ومرتبة النذر دون مرتبة الرسل، كرتبة الأنبياء من الرسل، ولكن يجوز أن يقوي الرسل - وإن كان من الإنس - على الإظهار لهم، وليس فيما يسترون عنهم منع بعث الرسل إليهم من الإنس، وليس لنا إلى معرفة هذا حاجة؛ إنما الحاجة إلى معرفة الآيات والحجج التي يأتي بها الرسل، وقد عجز الخلائق جميعًا عن إتيان مثل هذا القرآن؛ لقوله:(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) فقد أعجز الجن والإنس عن أن يأتوا بمثل هذا القرآن، وإن كان الجن أقوى على الأشياء من الإنس؛ فدل أنه آية ودل عجز الجن عن ذلك وإن كانوا أقوى على أن غيرهم أعجز.
ألا ترى: أنه أنزل هذا القرآن على لسان العرب ثم عجزوا هم عن إتيان مثله؛ فدل عجزهم عن ذلك على أن العجم له أعجز.
وجائز أن يكون الرسل إن كانوا من الإنس فإن الجن يستمعون من الرسل؛ فيلزمهم الحجة والعيل بذلك والتبليغ إلى قومهم، من غير أن يعلم الرسل بذلك، واللَّه أعلم.
يحتمل يتلون عليكم آيأتي، ويحتمل:(يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي) يبينون لكم ما في آيات وحدانيته وألوهيته، وآيات البعث الذي تنكرون.
(وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا)، أي: لقاء يومكم الذي تلقون ودل قوله: (وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا) على أن ذلك إنما يقال لهم في الآخرة.
(قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا).
هذا منهم إقرار لما كان منهم من التكذيب؛ كقوله:(فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ)، أي شهدنا على أنفسنا بأنا كنا كذبنا الرسل في الدنيا بما قالوا وأخبروا.