والثمار على ميزان واحد: ما لو جهدوا كل الجهد أن يعرفوا الفضل والتفاوت بين الأوراق والثمار ما قدروا، وما وجدوا فيها تفاوتًا. ويخرج -أيضًا- كل عام من الثمار والأوراق ما يشبه العام الأول؛ فدل ذلك كله أن منشئها ومحدثها مالك حكيم، وضع كل شيء موضعه، وأن ما أنشأ أنشأ لحكمة وتدبير لم ينشئها عبثًا؛ فله الحكم والتدبير في الحل والحرمة والقسمة، ليس لأحد دونه حكم ولا تدبير في التحريم والتحليل؛ (هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ)، وهذا لهذا وهذا لهذا؛ إنما ذلك إلى مالكها؛ فخرج هذا - واللَّه أعلم - مقابل ما كان منهم من قوله:(وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ)، وقوله:(هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ)، (وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا)، وقوله - تعالى -: (وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ)، وغير ذلك من الآيات التي كان فيها ذكر تحكمهم على اللَّه، وإشراك أنفسهم في حكمه.
ثم اختلف في قوله:(مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ):
قيل: معروشات: مبسوطات ما ينبت منبسطا على وجه الأرض، (وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ): ما يقوم بساقه، لا ينبسط على الأرض.
وقيل: معروشات: ما يتخذ له العريش، من نحو العرجون والقرع وغيره، وغير معروشات: ما لا يقع الحاجة إلى العرش؛ من نحو: النخيل والأشجار المثمرة، وهما واحد.
وقيل: على القلب، معروشات: ما تقوم بساقها، وغير معروشات: ما لا ساق لها، واللَّه أعلم. وتعريشه ما ذكر على أثره.