زكاة الحب والثمار إنما تجب فيما بيّن: الجنات المعروشات وغير المعروشات؛ فدخل في ذلك - واللَّه أعلم - العنب، وغير العنب، والثمار كلها، وقال:(وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ)، فدخل جميع ما تخرج الأرض من كل الأصناف التي سبق ذكرها، وقال:(كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)، فجعل الحق الواجب فيه يوم يحصد؛ فيجوز أن يكون عُفي عما قبل ذلك.
فإن كان هذا هو التأويل، فهو - واللَّه أعلم - معنى ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ولو لم يكن قوله - تعالى -: (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ) عفوا عن صدقة ما يؤكل منه ما كان في ذلك فائدة؛ لأن الثمرة تؤكل ولا تصلح لغير ذلك إلا للوجه الذي ذكرنا، وهو أنهم كانوا يحرمونها ولا ينتفعون بها؛ فقال - عَزَّ وَجَلَّ -: كلوا وانتفعوا به، ولا تضيعوه.
وإذا كان قوله:(كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ) عفوا عن صدقة ما يؤكل منه، ظهرت فائدة الكلام، وهو على هذا التأويل - واللَّه أعلم - ما روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال:" إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فالربع ".