وعن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه كان يبعث أبا خيثمة خارصا للنخل، ويقول له:" إذا وجدت أهل بيت في حائطهم، فلا تخرص بقدر ما يأكلون ".
وعن مكحول قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " خفضوا على الناس في الخرص؛ فإن في المال العرية والوصية ".
فدلت هذه الأحاديث على أنه لا صدقة فيما يؤكل من الثمر رطبًا إذا لم يكن فيما يأكلون إسراف.
وقدر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لذلك الثلث أو الربع، وذلك - واللَّه أعلم - يشبه ما دلت عليه الآية على تأويل من جعل الحق زكاة؛ لأن اللَّه - تعالى - قال:(وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)؛ فاحتمل أن يكون -أيضًا- معنى ذلك: ولا تسرفوا في الأكل؛ فيجحف ذلك بأهل الصدقة، ويحتمل أن يكون ذلك نهيًا عن الإسراف في جميع الأشياء، على ما ذكرنا من قبل.
وإذا صح أن لا صدقة فيما يؤكل من الرطب والعنب والثمار بهذه الأخبار، وأن الصدقة إنما تجب فيما يلحقه الحصاد يابسا يمكن ادخاره - فالواجب ألا يكون في شيء من الخضر التي تؤكل رطبة صدقة، وألا تكون الصدقة واجبة إلا فيما يبس منها، ويمكن أن يدخر.