للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، وقوله: (وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا)، وغير ذلك؛ أوفوا بما عهد إليكم فيهم.

ويحتمل أن يكون قوله - تعالى -: (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ): في اليتامى وفي غيرهم في كل الناس، وهو لوجهين:

أحدهما: أن في ترك الإيفاء اكتساب الضرر على الناس، ومنع حقوقهم، فأمر بإيفاء ذلك كقوله: (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ).

والثاني: للربا؛ لأنه لزم مثله كيلا في الذمة، فإذا لم يوفه حقه وأعطاه دونه، صار ذلك الفضل له ربا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا).

يحتمل هذا وجهين:

يحتمل: لا نكلف أحدًا ما في تكليفنا إياه تلفه، وإن كان يجوز له تكليف ما في التكليف تلفه؛ كقوله: (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ. . .) الآية، وعلى ما أمر من بني إسرائيل بقتل أنفسهم.

والثاني: لا نكلف أحدًا ما في تكليفنا إياه منعه؛ نحو: من يؤمر بشيء لم يجعل له الوصول إلى ذلك أبدًا، ويجوز أن يؤمر بأمر وإن لم يكن له سبب ذلك الأمر بعد أن يجعل لهم الوصول إلى ذلك السبب؛ نحو: من يؤمر بالصلاة وإن لم يكن معه سبب ذلك وهو الطهارة، ونحو: من يؤمر بالحج بقوله: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) هذا يدل على أن من جعل في وسعه الوصول إلى شيء، يجوز أن يكلف على ذلك، ويصير باشتغاله بغيره مضيعًا أمره.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا).

قال بعض أهل التأويل: هذا في الشهادة؛ كقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ. . .) الآية.

ويحتمل قوله: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا): كل قول، والقول أحق أن يحفظ فيه العدالة من الفعل؛ لأنه به تظهر الحكمة من السفه، والحق من الباطل؛ فهو أولى.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا) أي: بعهد اللَّه الذي عهد إليكم في التحليل والتحريم، والأمر والنهي، وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>