للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ).

اختلف فيه؛ قيل: (أَقِيمُوا)، أي: سووا وجوهكم نحو الكعبة، (عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)، أي: في كل مكان تكونون فيه، وهو كقوله: (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) أي: اجعلوا بيوتكم نحو الكعبة؛ كقوله - تعالى -: (وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).

وقيل: (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ)، أي: اجعلوا عبادتكم لله، ولا تشركوا فيها غيره؛ كقوله: (وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)، ويشبه أن يكون الوجه كناية وعبارة عن الأنفس؛ كأنه قال: أقيموا أنفسكم لله، لا تشركوا فيها لأحد شركًا كقوله: (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ) أي بجعل نفسه لله سالمًا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ).

يحتمل الدعاء نفسه، أي: ادعوه ربًّا خالقًا ورحمانًا، (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ): بالوحدانية والألوهية والربوبية.

ويحتمل قوله: (وَادْعُوهُ)، أي: اعبدوه مخلصين له العبادة، ولا تشركوا غيره فيها.

ويحتمل: أي دينوا بدينه الذي دعاكم إلى ذلك وأمركم به.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ).

قال قائلون: هو صلة قوله: (فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ)؛ كأنهم سألوا مما يعودون إذا بعثوا، فقال: (كَمَا بَدَأَكُم): خلقكم، (تَعُودُونَ) مثله.

ويحتمل أن يكون هو صلة قوله: (فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ)، يعودون كما كانوا في البداءة: الكافر كافرًا، والمؤمن مؤمنًا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ): هو من الدائمة، ليس من الابتداء؛ لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>