وفي قوله - تعالى -: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) دليل إباحة الزينة والتناول من الطيبات، وقد يحتمل أن يكون خرج على النهي والإنكار على ما كان يفعله أهل الشرك؛ من نحو تحريم البحيرة، والسائبة، والوصيلة، فقال: قل من حرم ما حرمتم إذا لم يحرمه اللَّه.
ألا ترى أنه قال:(قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) يقول - واللَّه أعلم - لم يحرم ما حرمتموه من هذه الأشياء؛ ولكن حرم الفواحش وما ذكر، ولم يذكر جوابهم أنهم ماذا يقولون؛ فهو يخرج على وجهين:
إن قالوا: حرمه اللَّه، فيقال لهم: من حرمه وأنتم قوم لا تؤمنون بالرسل والكتب؟! فإن قالوا: حرمه فلان، فيقال: كيف صدقتم فلانًا في تحريم ذلك، ولا تصدقون الرسل فمما يخبرون عن اللَّه - تعالى - مع ظهور صدقهم؟! يذكر سفههم في ذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ)؛ كأنه يقول: ليس لأحد تحريم ما ذكرنا؛ إنما التحريم إلى اللَّه، وإنما حرم ما ذكر، وقد يحتمل ما ذكرنا من نزعهم الثياب عند الطواف ويطوفون عراة، على ما ذكر في القصة، وإلى هذا يذهب ابن عَبَّاسٍ والحسن وقتادة وعامة أهل التأويل، وعلى ذلك يخرج ما روي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -. حيث قال:" ألا لا يطوفن بهذا البيت عريان ولا مُحْدث ". وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ). أي: نبين الآيات. (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). أي: لقوم ينتفعون بعلمهم، أو نقول):(كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ)، أي: كذلك نفصل حكم آية من حكم آية أخرى، نفصل هذا من هذا، وهذا من هذا.
وقوله:(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ) إنه إذا لم يفهم من زينة اللَّه ما يفهم من زينة الخلق - لأن زينة الخلق ما يتزينون به ويتجملون - لا يجب أن يفهم من استوائه استواء الخلق، ولا