للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجنة، ثم أخبر أنها في السماء.

ألا ترى أنه قال: (وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) أكأنه قال: لا تفتح لهم أبواب الجنان ولا يدخلون الجنة، - أيضًا.

وقال آخرون: أبواب السماء هي أبواب السماء؛ وذلك أن أعمال المؤمنين ترفع إلى السماء وتصعد إليها أرواحهم، وأعمال الكفرة وأرواحهم ترد إلى أسفل السافلين؛ كقوله: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)، وقال في الكافر: (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)، فإذا كانت أعمال المؤمنين وأرواحهم ترفع إلى السماء وتصعد إليها، أخبر أن الكافرين، لا تفتح لهم أبواب السماء ولا لأعمالهم، ولكن ترد إلى السجين.

وأمكن أن يكون على التمثيل ليس على تحقيق السماء؛ ولكن ذكر السماء لما أن السماء هي مكان الطيبات من الأشياء وقرارها، لا مكان الخبائث والأقذار، والأرض هي مكان ذلك، وأعمال الكفرة خبيثة؛ فكنى عن أعمالهم الخبيثة بالأرض لما أن الأرض هي معدن الخبائث والأنجاس.

وكنى عن أعمال المؤمنين الطيبة بالسماء، وهو كما ضرب مثل الإيمان: بالشجرة الطيبة الثابتة وفرعها في السماء، وضرب مثل الكفر: بالشجرة الخبيثة المجتثة من فوق الأرض، ليس على أن يكون قوله: (وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ) على تحقيق السماء، ولكن على الوصفت بالطيب والقبول؛ فعلى ذلك الأول.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ).

لا يستقيم مثله على الابتداء إلا على نوازل تسبق، خرج ذلك جوابًا لها؛ نحو قوله: (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى. . . .) الآية.

أو أن ذكروا أعمال أنفسهم أنهم يعملون كذا؛ فقال: (لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>