إنه إذ ذلك يظهر لكل معلومه: فأضيف إليه بحرف الابتداء، وهو عن ذلك متعال؛ فعلى هذا جميع ما بيّنا، وبذلك ظهور تمام شرائط الملك، والاعتراف من الكل بذلك، واللَّه أعلم.
والثاني: أن تكون تلك الأيام الستة على ما في علم اللَّه تعالى تقديرها، لا يعلمه أحد سواه إلا من طريق الجملة التي أدى، وقد بيِّن يومًا كخمسين ألف سنة، ويومًا كألف سنة حده لا يعلمه غيره، ثم كان يوم السابع يوم تبلى السرائر وتقع العقوبة والمثوبة، وهو المقصود من خلق العالم الأول؛ فيكون ما ذكرت من تمام الظهور، واللَّه الموفق.
وعلى هذا لو قيل لما قيل يحملون العرش، (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) قيل: ليس أن المراد من هذا العرش الأوّل، وجائز أن يكون هذا هو السرير المعروف، منشأه من النور، ومما شاء؛ ليكرم به أولياءه يوم القيامة، والأول هو الملك الذي ظهر تمامه وعلوه على ما بينا.
ثم لو كان العرش الذي قال - عَزَّ وَجَلَّ -: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)، هو ما فهمه أهل التشبيّه من مكان، لم يكن ليجب أن يفهم من الاستواء عليه [الاستقرار].