للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العرش؛ كقوله (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا) بمعنى: وقد جعل منها زوجها، وعلى هذا ليس في قوله: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ. . .) (. . . ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) الشبهة التي في الأول كما لم يكن في قوله: (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ) إذا صرف إلى " عند " شبهة؛ فيكون: وقد استوى: خلق العرش؛ كقوله: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ) بمعنى: ثم خلق السماء أو قصد خلقها، ونحو ذلك.

وقال الحسن: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) أي: استوى عليه أمره، وصنعه، أي: لم يختلف عليه صنع العرش، وأمره - وإن جل - أمر غيره وصنعه، كقوله: (مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ) على استواء الأمر في التدبير والصنع.

وقال الحسن: معناه: استولى على العرش، كما يقال، استوى فلان على بغداد، بمعنى: استولى.

وقال قوم: معناه: استوى عليه، وهو فوق كل شيء في القدرة والعظمة، تعظيمًا له على غير اختلاف عليه في التحقيق بينه وبين غيره؛ كالذي ذكر بأن الأمر كله يوم القيامة له، والمساجد له، على التفصيل دون تخصيص له في ذاته من حيث ذلك.

وقال قوم: إذ كان العرش فوق كل شيء في تقدير المعارف، فقال: هو علاه بمعنى لا يوصف في الخلق، ولكن على ما كان، ولا خلق.

ونحن نقول - وباللَّه التوفيق -: قد ثبت من طريق التنزيل بأنه استوى على العرش، وقد لزم القول بأنه ليس كمثله شيء، وعلى ذلك اتفاق القول ألا يقدر كلامه بما عرف من كلام الخلق، ولا فعله به، وما يوجبه، ولا علمه، ولا ما قيل: هو رب كذا، أو مالك

<<  <  ج: ص:  >  >>