والثاني: عن الأمر في خلقه بما شاء ولا يُرَدُّ شيء من أمره عن الوجه الذي أمر، والله أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ) يذهب بضوء النهار ظلمة الليل، وضوء النهار بظلمة الليل، إذا جاء هذا ذهب سلطان الآخر.
(يَطْلُبُهُ حَثِيثًا) قيل: سريعًا، وهو أن اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - يظهر النور في ابتداء النهار في طرف من أطراف السماء، والظلمة في أول الليل، ثم ينشر ذلك في جميع أطراف السماء والأرض وما بينهما من جميع الآفاق والجوانب في قدر لحظة بصر وطرفة عين، ما لو أريد تقدير ذلك بجميع ما في الخلق من المقادير ما قدروا عليه؛ ليعلم أن اللَّه على ما يشاء قدير، وأنه لو أراد أن يخلق جميع ما ذكر أنه خلق في ستة أيام لقادر أن يخلقه في طرفة عين، لكنه خلقه في ستة أيام لحكمة في ذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَطْلُبُهُ حَثِيثًا) لا يكون مما ذكر طلب حقيقة، لكن ذكر الطلب؛ لأن ما كان من كل واحد منهما للآخر لو كان ممن يكون له الطلب كان طلبًا وهربًا من غلبة كل واحد منهما صاحبه، وهو ما ذكرنا في قوله تعالى:(وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) أنها أنشئت على هيئة وجهة لو كان ذلك ممن يكون منه التغرير كان غرورًا.