وقال الحسن: إن موسى سأل ربه الرؤية في غير وقت الرؤية، وهو يقر بالرؤية، لكنه يقول: سألها في الدنيا وبنية هذا العالم لا تحتمل ذلك.
ألا ترى أنه قال:(فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي)، أخبر أن الجبل لا يستقر له، فكيف تستقر أنت؛ لكنه ينشيء بنية تحتمل ذلك.
وقال الحسن: لذلك قال موسى: إِنِّي (تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) أن ليس في الدنيا الرؤية، إلى نحو هذا يذهب الحسن، وقد ذكرنا نحن الوجه على قدر ما حضر لنا.
وقال أهل التأويل: قوله: (تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ)، أي: ظهر، لكن لا يفهم من ظهوره ما يفهم من ظهور الخلق على ما ذكرنا في قوله:(اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)، وقوله:(وَجَاءَ رَبُّكَ)، وغيرهما من الآيات، لا يقدر استواؤه باستواء الخلق، وكذلك مجيئه، فعلى ذلك ظهوره، وباللَّه العصمة. وروي أن في التوراة " أنه جاء من طور سيناء، وظهر من جبل ساعور واطلع من جبل فاران " وتأويله جاء وحيه