فِيمَا آتَاهُمَا) أي: جعلا لله شركاء في الولد الذي ولد لهما، وينسبونه إلى الأصنام التي كانوا يعبدونها، فذلك قوله:(جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا) فتعالى اللَّه عما يشركون، والله أعلم بذلك.
وقال الحسن: الآية في مشركي العرب، إلا قوله:(خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا) فإن ذلك في آدم وحواء.
ألا ترى أنه قال:(أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ) دل أنه ما ذكرنا.
وقال أبو بكر الأصم: قوله: (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) وهي نفس آدم (وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا) أي: خلق كل نفس منكم من تلك النفس، وجعل لكل نفس منكم زوجة من تلك النفس ليسكن إليها؛ فعلى هذا التأويل يصرف آخر الآية إلى غير آدم وحواء.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ: قوله (فَمَرَّتْ بِهِ) أي: استمرت بالحمل، وقوله:(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) إن العرب كانت تعبد الأصنام تقليدًا لآبائهم وسلفهم، فيذكر سفههم أن النفس التي خلقتم منها لم تقلد أحدًا، ولم تشرك أحدًا، إنما اتبعت ما في العقل حسنه، أو ما في السمع من الأمر، فكيف اتبعتم أنتم النفس التي خلقتم منها، وهي لم تتبع إلا ما ذكرنا دون ما اتبعتم في الإشراك له آباؤكم.
ولو كانت القصة في آدم على ما يقول أهل التأويل، فيكون للعرب بها تعلق واقتداء، فيقولون: إنه أشرك، ونحن نشرك، فدل أنه ليس على ما قالوا، ولكن على الوجوه التي ذكرنا.
وفي قوله:(خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) دلالة أن ليس لأحد من البشر على آخر فضل من جهة الخلقة والنسبة؛ إذ كلهم إنما خلقوا من نفس واحدة، وهم إخوة